مر الطب [1] في الدولة بمراحل متعددة تتقاطع في عديد من جزئياتها مع واقع الطب في الشرق العربي؛ وذلك بداية بممارسة الطقوس الجاهلية كالسحر والشعوذة، مرورًا بالطب الإسلامي والتأثر برموزه كابن سينا، والرازي والغزالي، وقد تميزت تلك الفترة باستقاء الطب من مصادر عدة عربية وأعجمية وخصوصًا من الهند وفارس، بالإضافة إلى التداوي بالطب النبوي وطب الأعشاب والقرآن الكريم.
محتويات[أخف] |
الصحة في دولة الإمارات بين الماضي والحاضر
ينقسم التطور الصحي في الدولة إلى:
1) فترة الطب الشعبي: وتميزت بممارسات معينة: كالكي والحجامة والختان والتجبير، والوصفات الدينية والسحرية، والأدوية المركبة من الأعشاب، وسيتم تناولها فيما بعد بشيء من التفصيل.
2) فترة الإرساليات التبشيرية: وقد بدأت هذه الحقبة من عمر الصحة والطب في دولة الإمارات الإمارات منذ عام 1902 ، وعلى الرغم من سلوكها هذا الطريق الإنساني إلاّ أنها اتُّهمت في وثائق قديمة عديدة بأنها استغلّت ظروف العيش القاهرة، والجهل والفقر والعوز، والأمراض المتفشية من أجل التبشير بالدين المسيحي؛ ومن هنا حملت اسم (تبشيرية)، وتأتي هذه الإرساليات ضمن مخطط استعماري شامل كان مرسومًا للمنطقة حينذاك. ويذكر الطبيب (شارون توماس) في مذكراته أنه عالج في قرى الشارقة ودبي نحو 500 مريض، وقد وزع عليهم كتبًا تبشيرية، وفي عام 1909 افتتح الدكتور (بوول هارسون) عيادته الخاصة في الشارقة.
وفي عام 1952 أسست الدكتورة (سارة هوسمان) أول مستشفى في الشارقة وقد ركز نشاطه على الولادة والأمومة، ويذكر أنها كانت توزع فقرات من الإنجيل على المرضى.
وفي نوفمبر عام 1960 تأسس مستشفى كندي نسبة إلى بيرول وميريان كندي (الواحة) ، وأشارت إحصاءات إلى أن عدد المواليد في تلك المستشفى بلغ 4000 مولود.
3) فترة الطب الحديث: [2] ومن أبرز أعلامها محمّد حبيب الرضا الذي مارس الطب منذ عام 1930 ، وفي حوار أجرته معه مجلة أخبار دبي عام 1979 قال بأن الأمراض في تلك الفترة كانت منتشرة وخصوصًا الجدري والملاريا والدوسنتاريا، وكان المصاب بهذه الأوبئة غالبًا ما يستسلم لمرضه .
وقد أسس الدكتور محمد أول صيدلية في دبي (الصيدلية الوطنية) واستورد لها الأدوية من مختلف أرجاء العالم، وعالج كبار السن والأعيان. ومن رموز الطب حينها كذلك الدكتور عبدالحسين كامكار والدكتور محمد الشريف الذي درس في البحرين، وعمل في الدمام قبل قدومه إلى دبي. وقد ساهمت دولة الكويت [3] بشكل فعال وكبير لا يمكن إغفاله في تطوير قطاع الصحة والخدمات الطبية في الإمارات، فقد أرسلت بعثة طبية عام 1962 ، ومولت مشاريع لتشييد عدة مستشفيات منها: المستشفى الكويتي عام 1966 (البراحة حاليًا)، والمستشفى الكويتي في رأس الخيمة، ومستوصف في خورفكان والفجيرة ، حيث تولت الإشراف عليها حتى قيام الاتحادعام 1971 ، وتولت الدولة مشروعات التوسع الصحي حتى بلغ الإنفاق الصحي الحكومي عام 1994 ما يقارب 2555 مليون درهم.
إن الكثيرين ما زالوا غير مدركين ما جرى، ويصفونه بأنه معجزة حقيقية تجاوزت حتى القدرة على استيعابها.
ففي دولة يصل معدل النمو السكاني فيها إلى 6% سنويًا (حسب إحصاءات وزارة الصحة )، وتزخر بمختلف ثقافات العالم ، وتعد مكانًا لاستقطاب العاملين في مختلف المجالات من كل أصقاع العالم، كان لابد للصحة والخدمات الصحية فيها من أن تنال نصيب الأسد في الاهتمام والبحث والتطوير؛ حيث تتناسب وهذا الخليط السكاني، وبالتالي المرضي الكبير.
ويعد الاهتمام الحكومي في الدولة بالقطاع الصحي من أهم أسباب ازدهاره، وخاصة من قبل الشيوخ، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب الرئيس حاكم دبي رعاه الله.
وقد أكد التقرير السنوي الذي يصدر عن الأمم المتحدة أن دولة الإمارات احتلت المرتبة الرابعة من أصل 78 دولة في مجال بذل الجهود وبرامج الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، كما حلت عام 1997 في المرتبة الأولى من أصل 8 دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الرعاية الصحية والنهوض بالمرأة ، حيث وصل عدد الأطباء إلى 1530 طبيبًا، أي ما يعادل طبيب لكل 3 أسر، كما سجلت السنة نفسها إجراء 66 عملية جراحية في مختلف التخصصات.
ولأن الإنجاز الحقيقي يكون بيد أبناء الوطن، وجّه أصحاب السمو شيوخ الدولة بإقامة الجامعات المعنية بتدريس الطب والعلوم الصحية في مختلف أرجاء الوطن، فكانت كلية الطب في جامعة الإمارات في مايو عام 1984 أولى بشائر الخير، تلتها كليةدبي الطبية للبنات وجامعة الخليج في عجمان، ومن ثم كلية الطب فيجامعة الشارقة بتوجيه وإشراف خاص من صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ، وانتهاءً بجامعة رأس الخيمة الطبية؛ ليصل العدد الكلي إلى 5 كليات، واحدة في كل إماراة عدا أم القيوين والفجيرة .
بالإضافة إلى الدعم العام على مستوى الحكومة الاتحادية، نشأت في الدولة هيئات صحية فيدرالية كهيئة الصحة في دبي و هيئة الصحة في أبوظبي] [7] ، وقد أعلنت الهيئتان منذ تشكيلهما عن خطط وأهداف تساير الخط العام لوزارة الصحة وتدور في فلكه .
1) مرض السكري 20% من السكان، وتعد من النسب الأعلى في العالم؛ مما يدق ناقوس الخطر.
2) داء السمنة بمعدل 67% ويصل إلى 50% بين طلبة المدارس.
3) الأورام الخبيثة ( السرطانات ) وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الحوادث وأمراض القلب في أسباب الوفيات في الدولة؛ حيث تفتك بـ 500 إنسان سنويًا، ويعود تاريخ ارتفاع معدلات المرض لعام 1981 حين تم تشخيص 209 حالات بسرطان الكبد في مستشفى القاسمي.
4) أمراض الدم؛ حيث تشير الدراسات إلى أن 8.5% يحملون جين الثلاسيميا.
5) أمراض القلب والشرايين وهي المسؤولة عن 22% من حالات الوفاة بالدولة.
كما أشار تقرير قام به أطباء من جامعة نورث كارولينا وجامعة لندن ونشرته مجلة ( أرابيان بيزنس) [10] على موقعها الإلكتروني إلى وقوع 650 حالة وفاة سنويًا؛ نتيجة التلوث، فضلًا عن 15 ألف حالة زيارة للمراكز الصحية، وأشار التقرير إلى 12 حالة وفاة نتيجة تلوث المياه و 3 حالات نتيجة الحرارة المرتفعة صيفًا.
دعم الدولة للقطاع الصحي :
يقول معالي عبدالرحمن العويس وزير الصحة بالإنابة في المجلة الإلكترونية لوزارة الصحة [11] بعددها في مارس 2012 " إن قيادتنا الرشيدة حريصة على الارتقاء بمستوى ما يقدم لأبناء الوطن من خدمات صحية وفقًا للممارسات العالمية " ، كما أكد أن استراتيجية الدولة في القطاع الصحي تأتي تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ولرؤية نائبه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وتثبت المراسلات القديمة لحكام الإمارات حرصهم على صحة أبناء هذا الوطن، فأول مستشفى في العين (المستشفى الكندي) جاء بناء على طلب شخصي ومراسلات من صاحب السمو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حين كان ممثلًا للحاكم في العين . [12]
وقدوم حملة التطعيم ضد الجُدري إلى رأس الخيمة جاءت بناء على طلب من سمو الشيخ سلطان –رحمه الله- حاكم رأس الخيمة آنذاك.
كان اهتمام القادة ومايزال المحور الأساسي الذي يعطي الأمل دومًا بغد صِحِّي مُشرق، وإن كان الله قد أنعم على هذه الأرض بنعمة (النفط) فإنه أنعم عليها كذلك برجال عاهدوا الله على خدمة الوطن؛ فصدقوا وساروا بوطنهم نحو الأمام برؤى واثقة مدروسة بعيدة كل البعد عن العشوائية أو العبثية، ومن ذلك ما ذكره سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكمدبي رعاه الله في كتابه رؤيتي [13] عن حرص سموه وإخوانه حكام الدولة على جعل خدمة الوطن والمواطن دائمًا هاجسهم الأول والأخير والسعي دومًا لتحقيق المراكز الأولى في شتى المستويات؛ مما يضمن الرخاء وسهولة الحياة لابن هذه الأرض الذي طالما عانى الأمرَّين في صراع البقاء، فاستحق الآن وبجدارة مكافأة على ما بذله في الماضي .
وإن الزيارات المفاجئة للمراكز الصحية الحكومية والدعم المالي اللامحدود، والاهتمام دومًا بالتطوير العلمي الطبي، وابتعاث الأطباء لدول تتربع على قائمة الإبداع الطبي؛ ليعودوا وبجعبتهم الكثير في تطوير هذا القطاع لمثال حي وواقعي على دعم القيادة الرشيدة للنظام الصحي في الدولة.
كما إن مكرمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد –حفظه الله- بمناسبة اليوم الوطني الـ 40 ، حين أمر بزيادة رواتب العاملين في القطاع الصحي في الحكومة الاتحادية؛ لأَرقى دليل ملموس على متابعة سموه الدائمة لسير العمل الصحي في الدولة. ومن هنا جاءت الإمارات في المرتبة الأولى عربيًا، وال 17 عالميًا في إحصاءات نشرتها الأمم المتحدة حول مؤشرات السعادة والشعور بالرضا بين الشعوب في عام 2011-2012 ؛ وذلك في مقال نشرته صحيفة الاتحاد. [14]
0 التعليقات:
إرسال تعليق