الجمعة، 28 فبراير 2014

مراحل قيام الاتحاد &&&


في 18 فبراير سنة 1968 م كانت المبادة الأولى عندما عقد سمو الشيخ زايد رحمه الله في منطقة (السميح) الواقعة بين أبو ظبي ودبي اجتماعا مع أخيه المرحوم سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي حيث تم إعلان اتحاد يضم إمارتي أبو ظبي ودبي كبداية لاتحاد أكبر وأشمل وكانت هذه خطوات البداية
قرر زايد وراشد دعوة إخوانهم أصحاب السمو حكام الإمارات الأخرى وصاحبي السمو حاكمي قطر والبحرين للتفاهم والتشاور حول الأمور التي تهم بلادهم . وقد أتيحت الفرصة لتحقيق ذلك حين أعلنت حكومة العمال البريطانية في عام 1968 عزمها على تصفية وجودها في منطقة شرقي قناة السويس في موعد أقصاه نهاية عام 1971 م وكان شيوخ الإمارات قد تعهدوا بموجب اتفاقية وقعت في عام 1891 م بعدم التنازل عن أراضيهم أو تأجيرها أو إجراء أي مباحثات سياسة مع أية دولة أجنبية دون موافقة بريطانيا
وتجاوبت أصداء الاتحاد في جميع الإمارات . وخفقت له مشاعر شعب الخليج بأكمله . وشهدت المنطقة نشاطا سياسيا واسع النطاق وانتهى هذا النشاط بتكوين وإعلان دولة الإمارات العربية على المراحل التالية:
في 27 فبراير - شباط سنة 1968 م واستجابة لنداء حاكمي أبو ظبي ودبي اجتمع حكام إمارة ساحل عمان العربية السبع (أبو ظبي , ودبي , وأم القيوين , ورأس الخيمة , والفجيرة , والشارقة , وعجمان) انضم إليهما حاكما قطر والبحرين حيث جرى تدارس فكرة قيام اتحاد لجمع الشمل وتشكلت عدة لجان لاتخاذ القرارات كما شكل الحكام مجلساً أعلى , ومجلساً تنفيذياً وأمانة عامة
قادة الاتحاد التساعي يقررون وضع خطة اقتصادية شاملة

بالطبع كان أهم ما أسفرت عنه اجتماعات الاتحاد التساعي في الدوحة خلال أكتوبر 1968، ذلك الطابع العملي الذي اكتسته قرارات الحكام.
فقد بدا حينها أنهم يريدون دخول التجربة من بابها الصحيح، بعيداً عن الضجيج والصخب والأحلام التي خالطت تجارب وحدوية أخرى لم يقدر لها النجاح، عندما حاول أصحابها إنزالها من غيوم الأيديولوجيا إلى أرض الواقع.
ولم يكن هناك أفضل ولا أقصر من ثلاثة طرق محددة ليصبح الحلم حقيقة واقعة ... جيش موحد واقتصاد مشترك ودستور واحد.
خطة اقتصادية

أما بالنسبة للاقتصاد، فقد وضع قادة الاتحاد التساعي خلال قمتهم بالدوحة في أكتوبر عام 1968، أعينهم عليه باعتباره محركاً أساسياً يمكن أن يساعد في تحقيق أمرين بالغي الأهمية،
الأول: تشييد بنية اقتصادية حديثة تلبي احتياجات شعوب المنطقة لجني ثمار النفط، طالما أن الغرض من الوحدة - بعيداً عن الأيديولوجيا - كان هو رفاهية المواطنين بالأساس الذين كانوا في أمس الحاجة للخدمات الأساسية من مرافق عامة وتعليم وصحة وفرص عمل ومستوى معيشي لائق، في مجتمعات تريد الانعتاق من ظروف تاريخية فرضت عليها لسنوات طويلة وحالت بينها ومكتسبات الحداثة.
والثاني: الإسراع في عملية الوحدة وتمتين أواصرها ودعم أركانها بدمج الإمارات التسع في شبكة واحدة من المصالح والمنافع الاقتصادية التي يستفيد منها جميع الأطراف على كل المستويات.
ولإنجاز هذا الهدف قرر القادة الاتفاق مع خبير اقتصادي لدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الإمارات التسع.

وجاء نص القرار كالآتي “يجري الاتصال بخبير اقتصادي لدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الإمارات تمهيداً لوضع خطة اقتصادية شاملة لها خلال مدة معينة ومعقولة.
ويراعى منح الأولوية في تطبيق شتى تدابير الإصلاح والتعمير التي ستنبثق من دراسة الخبير، للإمارات التي تمس حاجتها أكثر من غيرها إلى سرعة رفع مستويات المرافق العامة فيها”.

عقد توافقي

ولم يكن يغيب عن ذهن الحكام، في غمرة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، التي تواجه سعيهم على طريق الوحدة، ضرورة الاتفاق على عقد توافقي مشترك ملزم للجميع، للسير على هداه في تنظيم مختلف شؤون الدولة المرجوة.
وكانوا يعون أن ذلك العقد هو الدستور الذي كان يمثل بدوره قاعدة أساسية لبناء دولة حديثة مستوفية الأركان.

وانطلاقاً من هذا الوعي، قرر القادة خلال اجتماع الدوحة إنشاء لجنة ثلاثية لدراسة استيضاحات الخبير الدستوري المساعد لوضع دستور اتحاد الإمارات العربية.
ونص القرار على الآتي “تنشأ لجنة ثلاثية من ممثلين من إمارات البحرين وقطر وأبوظبي لدراسة استيضاحات الخبير الدستوري المساعد بشأن مشروع الميثاق الكامل الدائم لاتحاد الإمارات العربية... وترفع اللجنة نتيجة دراساتها للمجلس الأعلى خلال شهر واحد”.
وقد قرر القادة أيضاً استشارة الدكتور عبدالرزاق أحمد السنهوري الخبير القانوني المعهود إليه بإعداد مشروع الميثاق الكامل الدائم للاتحاد في المسائل ذات الطابع القانوني التي تحال إليه من المجلس الأعلى.
ومنح حكام الإمارات التسع، المجلس الاتحادي المؤقت سلطة إصدار قرارات نهائية في الحالات الآتية: القرارات التنفيذية لقرارات المجلس الأعلى، والقرارات المتعلقة بالمسائل الإجرائية بصورة عامة.
كما عين الحكام أعضاء مساعدين في المجلس الاتحادي المؤقت، هم السيد جمعة الماجد - عن إمارة دبي والسيد ماجد الفطيم - عن إمارة دبي والسيد/ مبارك علي الخاطر - عن إمارة قطر.
في الدورة التي عقدت فيما بين 21 - 25 أكتوبر تشرين أول سنة 1969 م , تم بالإجماع انتخاب صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبو ظبي رئيساً لذلك الاتحاد لمدة عامين كما انتخب صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي نائباً للرئيس لنفس المدة
ظهرت فيما بعد وجهات نظر مختلفة بشأن تكوين الاتحاد التساعي وانتهى الأمر بميل كل من الشقيقتين قطر والبحرين إلى إعلان الاستقلال المنفرد لكل منهما .. وكان زايد الخير حريصا على عمل المستحيل من أجل التقريب بين وجهات النظر سواء خلال اجتماعات الحكام , أو من خلال أجهزة الإعلام أو من خلال أسفاره ورحلاته
لم يستسلم زايد الخير إلى اليأس بل على العكس لقد ازداد إيمانا بالهدف وإصرارا على تحقيقه فقد علمه التاريخ أن هناك ضريبة فادحة يتعين على كل صاحب رسالة أن يدفعها راضيا ًضريبة الجهد والجهاد والصبر والمعانة والمثابرة
إن الذين عاشوا بقرب زايد خلال هذه الفترة من مراحل النضال من أجل الاتحاد يعرفون كيف استمد الرجل من الصعاب طاقة أكبر وحوافز متجددة لمواصلة العمل من أجل المبدأ الذي آمن به.
في 18 يوليو سنة 1971 م اجتمع حكام الامارت العربية السبع لإجراء مباحثات تستهدف إيجاد شكل متين للتعاون تحقيقاً لمعنى التكامل فيما بينهم وبحثاً عن الأمن والاستقرار في هذا الجزء من العالم وأهاب زايد الخير بإخوانه الحكام أن يباشروا مباحثات من أجل تحقيق الأمل الذي يضعه شعب الخليج في أعناقهم وقال لهم :
(هذه فرصة هيأها الله سبحانه وتعالى لنا فرصة وجودنا اليوم في مكان واحد إن قلوبنا جميعاً عامرة والحمد لله بالأيمان بمبدأ الوحدة فلنجعل إذن من اجتماعنا هذا فرصة تاريخية لتحقيق أملنا المنشود)
وبدأت المباحثات واستجاب الله لدعاء أبناء الخليج , وبارك الله الجهود المخلصة والمؤمنة التي اضطلع بها زايد وأخونه ظهر ذلك اليوم توصل حكام الإمارات إلى القرار التاريخي وتم التوقيع على وثيقة قيام دولة اتحادية باسم (دولة الإمارات العربية المتحدة) لتكون نواة لاتحاد شامل يضم باقي أفراد الأسرة من الإمارات الشقيقة التي لم تمكنها ظروفها من الانضمام إلى الاتحاد في ذلك الوقت
وصدر دستور مؤقت لتنظيم شؤون هذه الدولة , ولكن رأس الخيمة لم تعلن انضمامها في ذلك اليوم إلى الاتحاد ولذلك بدأ مشروع الاتحاد بست إمارات هي أبو ظبي ودبي والفجيرة والشارقة وعجمان وأم القيوين وكان الرجل الذي نذر حياته من أجل هذه اللحظة التاريخية هو أول الموقعين على وثيقة قيام دولة الامارات العربية المتحدة وكانت مشاعره تفيض تأثرا في تلك اللحظة . . وخرج من قاعة الاجتماع معالي أحمد خليفة السويدي وزير شؤون الرئاسة في أبو ظبي والعين ليعلن إلى العالم - في بيان تاريخي - مولد دولة الامارات العربية المتحدة واهتزت أسلاك البرق في كل أنحاء الدنيا معلنة الحدث الكبير وكان النص كما يلي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعونه تعالى واستجابة لرغبة شعبنا العربي فقد قررنا نحن حكام إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة إقامة دولة اتحادية باسم (الإمارات العربية المتحدة) وإذ نزف هذه البشرى السارة إلى الشعب العربي الكريم نرجو الله تعالى أن يكون هذا الاتحاد نواة لاتحاد شامل يضم باقي أفراد الأسرة من الإمارة الشقيقة التي لم تمكنها ظروفها الحاضرة من التوقيع على هذا الدستور.
خرجت أبو ظبي كلها تستقبل زايد الخير عند عودته قادماً من دبي بعد التوقيع على الدستور المؤقت لدولة الامارات العربية المتحدة الجديدة.
يومها قال زايد الخير للشــعب : (إن التوقيع على الدستور المؤقت هو أهم خطوة خطتها الإمارات العربية المتحدة في سبيل تحقيق الاتحاد إن هذا الاتحاد قد أرسي على أسس قوية راسخة تعتبر من أقوى الأسس التي يجب أن يقوم عليها الاتحاد) .
وفي 2 ديسمبر سنة 1971 م عقد حكام الإمارات الست اجتماعا وأعلنوا سريان مفعول الدستور المؤقت وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة. وهكذا كان يوم 2 ديسمبر 1971 م يوم زايد الخير بحق كان تتويجا لجهود صادقة مخلصه . بذلها الرجل على امتداد أربع سنوات كاملة. صدرت عن العواصم العربية كافة الكثير من البيانات التي تعكس ترحيب وفرحة الحكومات والشعوب العربية بالاتحاد. و قد وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على طلب انضمام الامارت إلى المجلس وأصبحت الدولة العضو الثاني والثلاثين بعد المائة.
في 10 فبراير 1972 م أعلنت إمارة رأس الخيمة رغبتها بالانضمام إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وموافقتها على الدستور. وفي نفس اليوم وافق المجلس الأعلى للاتحاد بالإجماع على قبول إمارة رأس الخيمة في عضوية الاتحاد.
يكفي زايد الخير فخرا أنه بحكمته وإيمانه استطاع الحفاظ على هذه التجربة والتأكيد على ضرورة بل حتمية تطويرها لما فيه مصلحة شعب الإمارات وعز الأمة العربية
المصادر والمراجع
ويكيبيديا - الموسوعة الحرة
المركز الوطني للوثائق و البحوث
شبكة ألم الإمارات

0 التعليقات:

إرسال تعليق